Description
جعل الشارع الحکيم حفظ الأعراض مقصدا من مقاصد الشريعة، وشرع من أجل ذلک مجموعة من الأحکام الشرعية التي توصل إلى هذا المقصد ابتداء من تشريع وجوب الاستئذان وغض البصر، وتحريم الخلوة بالأجنبية، والتبرج والسفور، وتحريم النظر إلى المرأة الأجنبية لغير حاجة، والنظر إلى المحارم بشهوة، والخضوع بالقول من جانب الرجل أو المرأة حتى لا يطمع فيها – بطريق الحرام- من في قلبه مرض اشتهاء النساء.
ومن هذه الأحکام الحض على الزواج وتيسيره بعدم المغالاة في المهور، وإباحة التعدد، والأمر بالتفريق بين الأولاد في المضاجع بعد البلوغ، ووجوب ستر العورة أمام من لا يحل له النظر إليها، وفرض الحجاب، وتحريم الخوض في أعراض الناس بغير بينة.
واقتضت رحمة الشارع بالمکلف أنه ما من أمر حرمه الله –تعالى- عليه إلا وقد شرع له بديلا عنه، هذا البديل إما أن يکون تشريعه على سبيل الوجوب أو الندب أو الإباحة ، ففي الوقت الذي حرم الله عليه الزنا أحل له الزواج ورغبه فيه، وفي الوقت الذي حرم عليه الخلوة بالأجنبية أحل له الخلوة بزوجته ، وحينما حرم الله عليه النظر إلى الأجنبية لغير حاجة أحل له النظر إلى زوجته واستمتاعه بها بکل أوجه الاستمتاع المشروعة ، وکما حرم على المرأة کشف عورتها أمام الأجانب وأوجب عليها الستر شرع لها التخفف من حجابها مع زوجها وإبداء زينتها أمامه وإغراءه حتي يحصل مقصود الشارع من الزواج.
کل ذلک حتى لا يقع المکلف في دائرة المحظور، فإن وقع في المحظور بعد کل ما شرعه الله له من البدائل بأن ارتکب فاحشة من الفواحش فقد تعدى على الأعراض التي أمر الله بحفظها وصيانتها من مجرد العبث بها ، فما بالک وقد انتهک الأعراض سفاحا ؟! فمن فعل ذلک فقد ارتکب کبيرة وجرما عظيما يستوجب العقوبة.
ورحم الله –تعالى- ابن القيم الذي يقول في عبارته الشهيرة : “فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحکم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل کلها ورحمة کلها ومصالح کلها وحکمة کلها ، فکل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحکمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل”([1])
من أجل هذا أردت أن أسهم في الکشف عن الجرائم التي تقع علي الأعراض قديما وحديثا ، وبيان العقوبات المقدرة وغير المقدرة لتلک الجرائم حتي يکون المجتمع والأسرة والفرد علي حذر من تلک الجرائم والتفکير ألف مرة قبل الإقدام عليها.
Reviews
There are no reviews yet.